المركز العربى للتعليم والتنمية : الابحاث والدراسات

تاريخ النشر: 15 أغسطس 2015
توصيف البرنامج: بعض مسئوليات المعلم المهنية فى ضوء النظرية البنائية
تختلف مسئوليات المعلم المهنية فى المدرسة البنائية عن مسئولياته فى المدرسة التقليدية، كما تختلف النظرة للتلاميذ فى كل من المدرستين كذلك، ففى المدارس التى تأخذ بالنظرية البنائية يتم التأكيد على المتعلم باعتباره مركز العملية التعليمية التعلمية، حيث ينمو المتعلم من خلال المشاركة فى الأنشطة الجماعية ومن خلال عمله كعضو فى مجموعات التعلم، ويتحمل بنفسه مسئولية تعلمه مما يجعله مصدرا من مصادر خبرة التعلم، كما توجه الأهداف فى التعلم البنائى بحيث تقابل الحاجات الفعلية للمتعلمين، وتراعى قدراتهم والتنوع القائم بينهم، وتساعدهم على المرور بخبرات تربوية ذات معنى يتعلمون منها ويطبقونها فى حياتهم العملية.
          وتعد المدرسة البنائية أحدث ما عرف من مدارس فى تعلم التلاميذ، وقد ظهرت هذه المدرسة نتيجة لتحول رئيس فى البحث التربوى خلال العقود الثلاثة الماضية، إذ تحول التركيز من العوامل الخارجية المؤثرة فى تعلم التلاميذ، مثل متغيرات المعلم والمنهاج والمدرسة والأقران وغير ذلك من العوامل، ليتجه التركيز على العوامل الداخلية التى تؤثر فى هذا التعلم، حيث أخذ التركيز ينصب على ما يجرى داخل عقل المتعلم عندما يتعرض للمواقف التعليمية مثل معارفه السابقة، وما لديه من فهم أولى للمفاهيم وقدرته على التذكر، ومعالجة المعلومات ودافعيته للتعلم وأنماط تفكيره، وكل ما يجعل التعلم لديه ذا معنى، أى التركيز على كيفية تشكيل المعانى للمفاهيم عند المتعلم فى بناء معرفي يتكامل مع خبراته السابقة ويظهر فى صورة جديدة. (زيتون، 2007، 22-31) و(حيدر ، 2004، 76)
        ومعظم المعلمين الذين تمت مقابلتهم بغض النظر عن المداخل التى استخدموها فى الماضى، ينظرون إلى البنائية باعتبارها طريقة ناجعة لتعلم التلاميذ، ومعظم هؤلاء المعلمين يعتقدون أنه حيل بينهم وبين التدريس وفقا لمبادئ البنائية، بسبب المناهج الجامدة والإدارة غير المساندة وغير المتفهمة لأبعاد النظرية البنائية، إلا أنه إذا أتيحت لهؤلاء المعلمين الفرصة لتجريب البيداجوجيا البنائية، فلا يترددون لجعلها جزءا من نسيج حجراتهم الدراسية، كما أن هناك بعض المعلمين الذين يقاومون البيداجوجيا البنائية، لأنهم تعودوا على المداخل التقليدية فى التدريس، ولا يرغبون فى هدم ممارساتهم التعليمية وإعادة بنائها من جديد. (Brooks, J. & Brooks, M. 1999, 101-117)
مشكلة الدراسة:
إن تحقيق التحسين وجودة الأداء المدرسى بات مطلبا عاما، تشترك فيه الدول المتقدمة والدول غير المتقدمة على حد سواء، وذلك نظرا لما تعانيه المدارس فى معظم دول العالم من النموذج المدرسى السائد، "نموذج المصنع"، والذى يقسم العمل على أساس التخصص، وقابل ذلك تقسيم المواد الدراسية وفقا للتخصصات، ومن ثم توزيع العاملين فى المدرسة كما هو الحال فى المصنع، للقيام بمهام وواجبات محددة، والتفتيش عليهم وملاحقتهم بالتهديد والوعيد، وبمرور الزمن تحول النموذج الإدارى "المدرسة – المصنع" إلى "المدرسة – السجن"، حيث تحولت المدارس إلى قلاع، محاطة بأسوار عالية ومغلقة بأبواب حديدية، يتجول فيها المدراء والمعلمون وهم يصرخون ويهددون من تسول له نفسه الخروج عن النظام. (الخطيب، 2006، 67-65)
فالمدارس التى أنشئت فى القرن التاسع عشر، تأسست على مجموعة من الافتراضات الخاصة بالمعرفة وكيفية اكتسابها، وكذلك على مجموعة من المعتقدات حول أفضل الوسائل للتأكد من أن التلاميذ يحفظون المعلومات، وبالتالى سيصبحون مواطنين صالحين، فالمدارس كالمصانع أماكن يتم فيها تقنين التعليم، ويمكن للمعلمين توصيل المعلومات للتلاميذ على شكل حقائق معروفة، فالمعرفة ثابتة والمعلمون يمتلكون قدرا منها فى مجال التخصص، ودورهم يتمثل فى نقل تلك المعرفة إلى التلاميذ، ونظرا لأن المعرفة ثابتة فالمدارس تعمل على تنظيم ما يعرف بالمنهج لجميع التلاميذ، ويقاس نجاح المدرسة بما يحفظه التلاميذ من المنهج حسب اختبارات التحصيل. (أرندز، 2005، 21-22)
          وتأتى النظرية البنائية كبديل للنموذج الذى يرى أن المدارس كالمصانع أو أماكن يتم فيها تقنين التعليم والمهمات، ويمكن للمعلمين توصيل المعلومات لتلاميذهم على شكل حقائق معروفه، فالمعرفة من وجهة نظرهم موضوعية ثابتة وغير متغيره، أما النظرية البنائية فهي تتناسب وثقافة التجديد التربوي التى تؤكد أن المعرفة شخصية وأن المعنى يمكن بناؤه من قبل الفرد من خلال الخبرة، والتعلم عملية فردية واجتماعية يقوم المتعلمون فيها ببناء المعنى، الذى يتأثر بالتفاعل مع المعرفة السابقة وحالات التعلم الجديدة، وعليه فإن المنهج الدراسى لم يعد وثيقة للمعلومات المهمة، ولكنه فى ظل البنائية أصبح مجموعة من فعاليات التعلم يتم فى إطارها اشتراك التلاميذ والمعلمين فى مناقشة المضمون وبناء المعنى. (أرندز ، 2005 ، 21-22)
          وتشير دراسة "ميرسر Mercer " أن تطبيق المدخل البنائى فى التدريس خلال العقد الماضى فى المدارس أحدث نقلة نوعية فى أداء المعلمين وفى رؤيتهم لمداخل تعلم التلاميذ، حيث ساعدت البنائية المتعلم على أن يكون مشاركًا فاعلاً فى عمليات التعلم، وأصبح له دور رئيس فى بناء معارفه الخاصة من خلال المزج بين معارفه السابقة والمعارف الجديدة، وبات دور المعلم يتمثل فى مساعدة التلاميذ على اكتشاف ما يتعلمونه والتفكر فى أدائهم، وتوفير تغذية راجعة لهم عند الحاجة. (Mercer, 1994,290-306)
ومن هنا نبع إحساس الباحث بضرورة دراسة وتحليل مسئوليات المعلم المهنية فى ضوء النظرية البنائية، والمعوقات التى تحد من تطبيق هذه المسئوليات، ومن ثم تقديم توصيات تفيد المدارس فى تبنى المدخل البنائى لتحسين الأداء المدرسى بشكل عام، وتحسين أداء كل من المعلم والمتعلم بشكل خاص. وفى ضوء ما تقدم يمكن طرح التساؤلات التالية:
1- ما أهم مسئوليات المعلم المهنية فى ضوء النظرية البنائية ؟
2- ما واقع تبنى المعلم لتطبيقات نظرية التعلم البنائى فى بعض المدارس الإماراتية؟
3- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05) فى تبنى المعلمين  لمبادئ نظرية التعلم البنائى من وجهة نظر المعلمين والمدراء /الموجهين ؟
4- هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (p ≤ 0.05) فى تبنى المعلم لمبادئ نظرية التعلم البنائى تعزى إلى سنوات الخبرة التدريسية؟
أهداف الدراسة:
تتحدد أهداف الدراسة الحالية فى النقاط التالية:
1- التعرف على النظرية البنائية وعلاقتها بعمليات التعلم فى المدارس.
2- التعرف على دور كل من المعلم والمتعلم فى ضوء النظرية البنائية.
3- تحليل ودراسة المسئوليات المهنية للمعلم فى ضوء النظرية البنائية.
4- التعرف على واقع تطبيق المعلم لنظرية التعلم البنائى فى بعض المدارس بالإمارات.
5- التعرف على الفروق بين المعلمين فى تبنى المدخل البنائى والتى ترجع إلى الخبرة.
6- التعرف على أهم المعوقات التى تعرقل تطبيق الفكر البنائى فى بعض المدارس الإماراتية.
7- تقديم مجموعة من التوصيات تساعد المدارس والمعلمين على تطبيق المدخل البنائى، والتغلب على المعوقات التى تحد من تطبيقه فى الميدان التربوى.
حدود الدراسة:
يقتصر مجال هذه الدراسة على دراسة وتحليل المسئوليات المهنية للمعلم فى ضوء النظرية البنائية، وأهم المعوقات التى تحد من تطبيق الفكر البنائى فى عينة من مدارس مرحلة التعليم الأساسى الحكومى المنتشرة بإمارة الشارقة بدولة الإمارات.
منهج الدراسة:
يستخدم فى الدراسة الحالية "المنهج الوصفى التحليلى" لوصف النظرية البنائية وما يترتب عليها من تطبيقات تربوية، وما يرتبط بها من مسئوليات مهنية يضطلع بها المعلم،  وكذلك تحليل ودراسة واقع مسئوليات المعلم المهنية فى ضوء النظرية البنائية، واهم المعوقات التى تحد من تطبيق مبادئ البنائية فى بعض مدارس مرحلة التعليم الأساسى الحكومى بإمارة الشارقة بدولة الإمارات.
 
أدوات الدراسة:
يستخدم الباحث فى الدراسة الحالية الأداة التالية:
* صحيفة استبيان: حيث تم إعداد صحيفة استبيان حول المسئوليات المهنية للمعلم البنائى، وأهم المعوقات التى تعترض تطبيق الفكر البنائى فى المدارس.
مصطلحات الدراسة:
تبنى الباحث المصطلحات الإجرائية التالية
* المسئوليات المهنية للمعلم: هى كل ما يقوم به المعلم من أداءات تسهم فى تعلم التلاميذ، وتستند إلى رؤية واضحة ووعى عميق  بأبعاد دوره كممارس مهنى.
* النظرية البنائية: هى نظرية عن التعلم تؤكد أن عملية اكتساب المعرفة تعد عملية بنائية، نشطة ومستمرة تتم من خلال تعديل فى البنية المعرفية للمتعلم، كما تؤكد على التعلم القائم على المعنى.
عينة الدراسة:
نظرا لأن مجتمع الدراسة هو مدارس مرحلة التعليم الأساسى الحكومى، فإن عينة الدراسة التى يطبق عليها الاستبيان هى: عينة من مدراء وموجهى ومعلمى مرحلة التعليم الأساسى الحكومى بإمارة الشارقة بدولة الإمارات.
الأدب النظرى:
          تشير دراسة " فيرميتى وآخروين Vermette & Others"  أن النظرية البنائية ترتبط بالفلسفة التربوية لجون ديوى Dewey,1933، حيث تعيد التركيز على رؤيته لعملية التعلم، كما تتصل نظرية التعلم البنائى بشكل مباشر بمفهوم التعلم عند كل من فيجوتسكى Vygotsky, 1962 وبياجيه Piaget, 1963 وبرنر Bruner, 1968 وجاردنر Gardner,1983، وتقدم الدراسة مفهوما لنظرية التعلم البنائى من خلال حروف كلمة "البنائية "Constructivism، حيث أوضحت الدراسة أن  حرفC  يشير إلى التواصل Connections وحرف O إلى الاختيارOptions  وحرف N إلى المناقشة Negotiation  وحرف S إلى السقالات Scaffolding وحرف T إلى الوقت Time وحرف R إلى المعايير Rubricsوحرف U إلى الفهم Understanding وحرف C إلى التعاون Collaboration وحرف T إلى التكنولوجيا Technologies وحرف I إلى الاستقصاء Inquiry وحرف V إلى التنوع Variety وحرف I إلى التدريس الواعى Intentional Teaching وحرف S إلى التمركز حول التلميذ Student Centered وحرف M إلى الدافعية Motivation.Vermette & others, 2001,87-93))  
والنظرية البنائية ليست نظرية فى التدريس، وإنما هى نظرية عن المعرفة والتعلم، وهى تستند إلى توليفة للعمل السائد فى علم النفس المعرفى، والفلسفة والإنثروبولوجيا، وهى ترى أن المعرفة نمائية واجتماعية وثقافية، وأن التعلم عملية تنظمها الذات لحل الصراعات المعرفية الداخلية، والتى كثيرا ما تظهر من خلال الخبرة الحسية والتأمل والتفكر، وبالرغم من أن البنائية ليست نظرية فى التدريس، إلا أنها أصبحت أساسًا لكثير من الإصلاحات التربوية المعاصرة ولها تطبيقات تربوية متنوعة فى المدارس. (جابر، 2006، 240)   
وتستند نظرية التعلم البنائى إلى مجموعة من المبادئ أهمها أن المعرفة تبنى داخل التلاميذ، وأن التلاميذ يقومون بأنفسهم بالمواءمة بين الخبرة والمعنى، لذا يجب أن تتيح أنشطة التعلم للتلاميذ إعادة النظر فى خبراتهم ومعارفهم وافتراضاتهم الأولية، وأن التعلم نشاط اجتماعى فالتلاميذ يتعلمون بعمق وفهم عندما يشاركون الآخرين فى الأفكار، وأن التفكر أحد التوجهات الأساسية التى تقود إلى بناء المعرفة والمعنى، وأن التلاميذ يسهمون بدور أساسى فى تقويم مدى تعلمهم بأنفسهم، وأن مخرجات التعلم البنائى متنوعة وغالبا لا يمكن التنبؤ بها، أما المعلمون فدورهم ميسر ومساعد للتلاميذ ليكتشفوا ويطبقوا الأفكار بأنفسهم، وأن يكونوا على وعى باستراتيجياتهم ومداخلهم فى التعلم، كما يوفر المعلمون للتلاميذ سلالم ladders تقودهم للتفكر والفهم المتعمق، بحيث تتاح للتلاميذ فرص حقيقية لتسلق هذه السلالم بأنفسهم. (Lambert & Others, 2002,26-28) و(Slavin, 2006, 243-244)
وارتبطت نظرية التعلم البنائى بأفكار بياجيه Piaget's الذى يرى أن طرح المعلم للأفكار على التلاميذ، ينجم عنه احتمالات منها أن ما يناقشه المعلم مع التلاميذ يرتبط بما لديهم من معارف وما مروا به من خبرات حياتية، وفى هذه الحالة تبدو الأفكار المطروحة واضحة وذات معنى، ويتم استيعابها وتصبح جزءًا من البنية المعرفية للتلاميذ، أما إذا كانت هذه الأفكار غير مرتبطة بمعارف التلاميذ السابقة وبخبراتهم الحياتية، تصبح هذه المعلومات والأفكار بالنسبة لهم غير ذات معنى، ومن ثم يصعب فهمها فيلجأ التلاميذ إلى حفظها، ولكن هذه الأفكار تصبح عرضة للنسيان بسرعة كبيرة  (Colburn, Alan. , 2007, 10).
          وعليه يؤكد مفكرو البنائية أن المعرفة تبنى بصورة نشطة على يد المتعلم، ولا يستقبلها بطريقة سلبية من البيئة، وهنا يأتى دور المعرفة القبلية للمتعلم باعتبارها ضرورة يستخدمها المتعلم فى بناء المعرفة الجديدة، كما يؤكدون على الطبيعة الاجتماعية للتعلم، وقدموا آراءهم حول ضرورة استثمار التعلم الفريقى لبناء التغير المفاهيمى والمعرفى، كما يعزز المدخل البنائى إستراتيجيات التدريس التى تقوم على توفير مواقف خبرة ذات معنى للتلاميذ، يتحاورون من خلالها ليصلوا معا إلى المعنى المشترك، حيث يبنى المتعلم معرفته من خلال التفاعل، ويبنى المعنى من خلال التفكر فى تفاعلاته، فيربط معارفه السابقة بخبراته الجديدة، أما المعلم فهو مسئول عن مساعدة التلاميذ على اكتشاف المعنى بأنفسهم، بدلا من عرضه عليهم، كما يمكن للمعلمين أن يقدموا عند الحاجة للتلاميذ سقالات من المعرفة تقودهم إلى الفهم وبناء المعنى. (زيتون وزيتون، 2003، 51-52)
بالرغم من أن البنائية نظرية فى التعلم وليست نظرية فى التدريس، إلا أنها قدمت معايير للتدريس الفعال، كما وضعت المعلمين أمام تحديات تتعلق بترجمة الأفكار المنبثقة منها إلى خطط وأساليب فى التدريس وممارسات مهنية متنوعة، تستند إلى فلسفة ترى أن عملية اكتساب المعرفة تعد عملية بنائية، نشطة تسهم فى تطوير وتعديل البنية المعرفية للمتعلم، من خلال الاحتفاظ بأساسيات المعرفة فى الذاكرة وفهمها بصورة صحيحة، والاستخدام النشط لها ولمهاراتها فى فهم الظواهر المحيطة.
كما ترفض البنائية اعتبار المعرفة منبعًا يأخذ منه المتعلم، بل المعرفة بناء فريد ودينامى يقوم به المتعلم بنفسه إذا كان نشطا ومتفاعلا، أما المعلم البنائى فيقوم بدور الوسيط فى عمليات بناء المعنى والتفاوض حوله، كما أن المعلمين يحملون مسئولية مهنية وأخلاقية، لإشغال التلاميذ فى مواقف خبرة ذات معنى، لذا يرفض المدخل البنائى أساليب التدريس التى تركز على التلقى السلبى للمعرفة، ويركز على الأساليب التى تتطلب المشاركة النشطة والملاحظة والتفكر والعمل الجماعى، وغيره من الأنشطة التى تشجع المتعلم على بناء معارفه بنفسه.  
وعليه فإن الافتراض التقليدى بأن التلميذ يأتى إلى حجرات الدراسة وعقله صفحة بيضاء، يتم حشوها وتشكيلها وفقا لما تريده المدرسة، أصبح يفقد مكانه تدريجيا، حيث ترتكز البنائية على أن التعلم يتم من خلال الأفكار والخبرات السابقة، التى يستخدمها المتعلم فى فهم الخبرات والمعارف الجديدة، وبالتالي يحدث التعلم عندما يكون هناك تغيير فى أفكار التلميذ السابقة، وذلك عن طريق تزويده بمعلومات جديدة أو إعادة تنظيم ما يعرفه بالفعل، أى إعادة تشكيل بنائه المعرفى وبذلك يحدث التعلم ذو المعنى. (فهمى وعبد الصبور ، 2002 ، 104-105)
          وتتضح مسئوليات المعلم المهنية فى النظرية البنائية من خلال قيامه بمساعدة التلاميذ على المشاركة فى عمليات التعلم، وإتاحة الفرص لهم من أجل فهم ما يواجههم من صعوبات وإحباطات، والانشغال فى التجارب والأنشطة من أجل بناء معارفهم، كما يعمل المعلم على نقد أداء تلاميذه بطريقة موضوعية بناءة، تساعدهم على المراجعة وتوفر لهم التغذية الراجعة المستمرة، وتشجعهم على النقد الذاتى، فضلا عن دور المعلم فى أن يوفر لتلاميذه اتجاها موجبًا نحو الخطأ، فالمتعلم يحقق تقدما ذا معنى عندما يحلل جوانب الخطأ ويتعلم من مواقف الفشل، فالمعلم فى ظل البنائية يشجع التلاميذ على رؤية الفشل كفرصة للتعلم وليست طريقا للإحباط. (Stephenson & York, 1998, 136-137)
          كما تؤكد البنائية على ضرورة أن يدرك المعلم أن عليه مسئوليات مهنية جديدة، تستند إلى فلسفة واضحة فى التدريس، يقلل فيها من الوقت المستغرق فى الإلقاء وحشو المعلومات فى أذهان التلاميذ، ويزيد من الوقت المخصص للأنشطة وإشغال التلاميذ فى عمليات تعلم ذى معنى، ويصبح المعلم البنائى متفاعلاً ومفاوضًا وميسرًا ومرشدًا وباحثًا ومتفكرًا ومستشارًا وقائدًا يشجع التلاميذ على العمل المشترك والحوار والمناظرات العلمية، ويستخدم أساليب متنوعة فى التدريس تساعد التلاميذ على العصف الذهنى والملاحظة والاكتشاف وحل المشكلات والاستقصاء وغيره من الأساليب التى تغذى فضول التلاميذ وتنميى لديهم القدرة على بناء المعنى.
          وقد أجريت دراسات عديدة للتعرف على أثر استخدام المدخل البنائى فى التدريس، وقد اتفقت نتائج دراسة "الشعيلى والغافرى" مع دراسة "الخولى" فى التوصل إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية فى الاختبارات التحصيلية البعدية، لصالح المجموعات التجريبية التى تم التدريس لها وفقا للمدخل البنائى. (الشعيلى والغافرى، 2006، 113-142) و(الخولى، 2003، 314-339) و(أبوزيد، 2002)
أما دراسة "العقيلى" التى هدفت إلى فحص التوجهات النظرية والتطبيقية لمعلمى اللغة العربية فى مدينة الرياض ومدى علاقتها بالنظرية البنائية، فقد أظهرت أن معظم معلمى اللغة العربية تقليديون فى توجهاتهم النظرية وممارساتهم التطبيقية فى تدريس اللغة العربية، حيث شكل التقليديون نسبة 83.3%، والانتقائيون شكلوا نسبة 15.5%، أما البنائيون فجاءت نسبتهم 0.07% وهما معلمان فقط من إجمالى العينة، مما يشير إلى انخفاض تبنى المدخل البنائى فى التدريس بهذه المدارس. (العقيلى، 2005، 253-310)
          ويعد التعلم التعاونى أحد إستراتيجيات التدريس التى تشجع التلاميذ على بناء معارفهم بأنفسهم، كما أن بيئة التعلم التعاونى تدعم بناء المعارف من خلال التفاوض الاجتماعي، مما يجعل من إستراتيجية التعلم التعاونى بلورة حقيقية لفكر وملامح المدخل البنائى (Vermette & Foote, 2001,26-37)، وقد توصلت دراسة "العيونى" التى أجريت على تلاميذ الصف السادس الابتدائى بمدينة الرياض إلى أن تطبيق أسلوب التعلم التعاونى له أثر ايجابى على فهم التلاميذ لما يتعلمونه، حيث توصل إلى أن هناك فروقًا ذات دلالة إحصائية بين متوسط درجات الاختبار التحصيلى فى مادة العلوم للتلاميذ الذين درسوا بأسلوب التعلم التعاونى، والتلاميذ الذين درسوا بأسلوب التدريس التقليدى، وذلك لصالح الذين درسوا بأسلوب التعلم التعاونى. (العيونى، 2003، 104-144)
          كما توصل "كولبورن ألان Colburn Alan" إلى مجموعة من التطبيقات الأساسية للنموذج البنائى فى المدارس، أهمها التعلم التعاونى الذى يعمل فيه التلاميذ بروح الفريق ويعلم بعضهم البعض الآخر، وتدريب التلاميذ على الاستقصاء الذى يساعد على التواصل مع أفكار الآخرين، وعلى التفكير الناقد والمنطقى، وإشغالهم فى أنشطة مفتوحة النهايات بحيث يستخدمون فى فهمها معارفهم السابقة، وتطبيق مدخل التقويم الأصيل الذى يتم فيه تقويم التلاميذ أثناء الأداء أو العمل سواء فى المعامل أو فى حجرات الدراسة، كما تشير نتائج الدراسة إلى أن التحول إلى النموذج البنائى سواء فى تهيئة حجرات دراسة داعمة للبنائية، أو فى التخطيط أو فى التدريس، أو فى تهيئة التلاميذ لبناء ثقافة التعلم الجديدة، كل ذلك يتطلب مزيدًا من الصبر والوقت، لأن التغير يسير بشكل تدريجى وبطىء. (Colburn, 2000, 9-12)
و تؤكد البنائية على استخدام إستراتيجيات التعلم المتمركز حول المشكلة، استنادا إلى أن معرفة التلاميذ لا تظل ساكنة ولكنها تتطور باستمرار عندما يواجهون تجارب وخبرات جديدة وغامضة، وحين يحاولون حل التناقضات التى تفرضها هذه التجارب، وأثناء سعيهم للفهم يربط التلاميذ المعلومات الجديدة بالمعلومات السابقة، فتتشكل بنيتهم المعرفية بصورة جديدة. (أريندز، 2005، 162)
 وتوصلت دراسة "هيلز Hills" إلى أن تطبيق نظرية التعلم البنائى فى حجرات الدراسة يتطلب تدريب المعلمين أنفسهم على قبول مستوى من المخاطرة والغموض والقلق، من خلال تدريبهم على بناء مهام وأنشطة مفتوحة النهايات، وتقديم أسئلة إجاباتها غير معروفة، وتوصلت الدراسة إلى أن المعلم البنائى لابد أن يمتلك أساليب تدريس تحمل الغموض والمخاطرة، تثير فضول التلاميذ وتدفعهم للعصف الذهنى الذى يقودهم إلى الفهم وبناء المعنى. (Hills, 2007, 335-352)
وفى هذا السياق جاءت دراسة "هوارد وآخرين Howard& Others" التى هدفت إلى تدريب المعلمين على استخدام المدخل البنائى فى التدريس، وتضمن برنامج التدريب تطبيقات عملية تمثلت فى الحوار التفكرى وتحدى المعتقدات السائدة عن التدريس ومداخل تعلم التلاميذ، وتخطيط التدريس وفقا للمدخل البنائى، وتوفير تغذية راجعة من المدرب والأقران، ثم تقويم مدى التغير فى ممارسات المعلمين المهنية، وتشير نتائج الدراسة إلى أن المعلمين الذين تم تدريبهم والبالغ عددهم واحد وأربعون، انتقلوا بالفعل من النموذج التقليدى إلى النموذج البنائى. ( Howard & Others, 2000,455-465)  
كما يؤكد المدخل البنائى أن أحد مسئوليات المعلم المهنية تتمثل فى قيامه ببناء مهام أدائية تمثل مشكلات حقيقية ذات علاقة بخبرات التلاميذ الحياتية، يتطلب انجازها قيام التلاميذ بأنشطة أدائية يستخدمون فيها معارفهم السابقة ومهاراتهم ومشاعرهم، وتتراوح مهام الأداء من المهام البسيطة التى يمكن إنجازها فى مدة قصيرة، إلى المهام المعقدة التى تحتاج إلى جهد جميع أعضاء الفريق أو المجموعة وهى تتطلب وقتا أطول لإنجازها.
ونظرا لما تشهده حجرات الدراسة من ممارسات خاطئة بشأن عزل التلاميذ بعضهم عن بعض، ففى معظم الأحيان تكون حجرات الدراسة كقاعات السينما، حيث يركز الجالسون فيها أنظارهم على الشاشة ذاتها، ولكنهم منفصلون بعضهم عن بعض، فإن المدخل البنائى جاء ليؤكد أهمية المجموعات التى تربط التلاميذ معا، وتجعلهم يتفاعلون وجها لوجه، ويتفاوضون للوصول إلى بناء المعنى بأنفسهم. (الصغير، 2009، 113-119) وتؤكد دراسة "جوندرسون وموور Gunderson & Moore" أن هناك طرقًا متنوعة لبناء المجموعات فى حجرات الدراسة، وان التلاميذ يتعلمون بشكل أفضل من حيث الفهم وبناء المعرفة إذا عملوا فى مجموعات، وتحملوا مسئولية تعلمهم. (Gunderson & Moore, 2008, 34-45)
وتصف دراسة "جرين "green حجرة الدراسة البنائية استنادا إلى البنائية الاجتماعية Social Constructivism، بأنها خلية عمل للتلاميذ تتكون من مجموعات متعاونة، منها مجموعة تبحث أبعاد حل المشكلة وأخرى يتحاور أعضاؤها لفهم المشكلة، وثالثة تتفاعل مع المعلم ورابعة تبحث فى الحاسوب أو الوسائط الأخرى، وخامسة يقوم فيها أحد التلاميذ بتقديم المساعدة للآخرين، وهكذا تتحول حجرة الدراسة إلى مجتمع متفاعل، يشارك فيه التلاميذ كأعضاء لكل منهم دور فى الوصول إلى إنجاز المهمة المطلوبة منهم، ومن ثم يسهم كل منهم بدور فى تنمية وبناء المعرفة بل وفى إنتاجها. (Green & Gredler 2002, 53-70)
كما يشير "سيرجوفاني Sergiovanni" إلى أن التفكر يمثل مكونًا أساسيًا من مكونات المدارس التى تطبق النظرية البنائية، حيث يرى أن هذه المدارس تتصف بخصائص أساسية منها تشكيل فرق للبحث وحل المشكلات، والتمركز حول التلاميذ، وتوفر برامج غنية أكاديميا، ومناخًا مدرسيًا ايجابيًا، والمشاركة فى القيادة والتنمية المهنية لأعضاء المدرسة، وبناء ملفات الإنجاز، ويؤكد أن التفكر جزء أساسى من كل هذه الخصائص، لأنه يعزز الممارسة الواعية ويوفر فرص جودة الأداء، ويحول هذه الخصائص إلى واقع معيش فى المدارس. (Sergiovanni, 2001, 161-174)
وعليه فإن التفكر يقع فى قلب عملية بناء المعرفة، يعد التفكر ضرورى لكل من المعلم والتلاميذ، حيث يتأمل المعلم ممارساته المهنية لتحسينها وتطويرها، الأمر الذى يجعل توفير فرص للتفكر فى المدارس هو جزء مهم من تدريب وإعداد المعلمين، على توفير مواقف وسياقات اجتماعية، تساعد التلاميذ على التفكر وبناء المعنى. (فلبس، 2010، 294-295)
ويؤكد ما سبق "بيج Page" الذى يربط بين صحف التفكر والبنائية، من منطلق أن الانشغال النشط فى عمليات التعلم والتدريس من خلال كتابة صحف التفكر، يستند إلى البنائية التى تعتمد على المعرفة المرتبطة بخبرة الفرد، والتى تؤكد أن التعلم عملية بنائية نشطة، وأن الفرد يتعلم عندما يبنى معارفه بنفسه، هذا فضلا عن استخدام مشكلات واقعية تمس حياة التلاميذ، والتأكيد على وجهات النظر المتعددة، وعليه فان صحف التفكر تعتبر أداة تربوية يمكن تطبيقها بفاعلية فى إطار التعلم والتقويم البنائى. (Page, 2004, 1-21)
وجاءت نتائج دراسة "مويلز وأخرين Moyles & Others" تأكيدا للعلاقة الوثيقة بين التفكر والمدخل البنائى فى التعلم، والتى تم فيها تسجيل حوارات متنوعة لستة وثلاثين معلماً، اشتركوا فى مقابلات وورش عمل دارت حول مسئولياتهم المهنية فى المدارس، وبتحليل محتوى أشرطة الفيديو، تبين أن المعلمين تفكروا فى أدائهم من زوايا مختلفة، تضمنت معظم جوانب المهنة، وأكدت الدراسة أن هذه الحوارات كان لها أبلغ الأثر على تحسين أداء المعلمين فى مدارسهم. (Moyles & Others, 2002, 463-478)
إن التحول من المدرسة السلوكية التى تؤكد على أن يكون للتلاميذ أهداف محددة ومرتبطة بسلوك قابل للملاحظة والقياس، إلى المدرسة المعرفية التى تؤكد على ما يجرى داخل عقل المتعلم وعلى العوامل المتداخلة التى تؤثر فى سلوكه، إلى المدرسة البنائية التى تؤكد على بناء التلميذ لمعرفته بنفسه مما يجعل تعلمه ذا معنى، كل ذلك اقتضى التأكيد على أهم التوجهات المعاصرة فى التقويم، والتى تسمى بالتقويم الأصيل الذى يعد ثورة ضد الاختبارات المقننة، لأنه يجعل التلاميذ ينغمسون فى مهام أدائية، يتم من خلالها اختبار مدى امتلاكهم لمهارات التفكير العليا. (زيتون، 2003، 241-242)
وأشارت نتائج الدراسات إلى أن حجرات الدراسة البنائية، والتى ينشغل فيها التلاميذ بعمليات التعلم، تتطلب تطبيق مداخل متنوعة من تقويم الأداء أو التقويم الأصيل، وهو تقويم يشغل التلاميذ فى مواقف خبرة ترتبط بحياتهم، ويستند إلى معايير rubrics للأداء، يتم شرحها للتلاميذ، وقد أشار التلاميذ الذين تمت مقابلتهم إلى أن التقويم الأصيل ساعدهم على الفهم والتفكر فى أدائهم ومدى معرفة ارتباطه بالمعايير، ومن ثم بناء معارفهم على أساس من الوضوح، فضلا عن شعورهم بالراحة النفسية والمتعة لما يتوفر فى التقويم الأصيل من موضوعية وعدالة، وتقويم أثناء العمل مع الآخرين. (Keilty; Larocco & Casell, 2009, 244-256) و(Moon & Others, 2005, 119-133)
وعليه فإن التحول إلى البيداجوجيا البنائية فى المدارس، يستند إلى تقديم مشكلات ملائمة للتلاميذ وبناء التعلم حول مفاهيم أساسية ترتبط بحياة التلاميذ، والعمل على اكتشاف مهارات التلاميذ وتنميتها، وبناء المنهج التعليمى ليقابل افتراضات التلاميذ، وتقويم تعلم التلاميذ فى سياق التدريس، الأمر الذى يساعد التلاميذ على الملاحظة والبحث والاستقصاء والاستكشاف بدلا من التقليد والاتباع، كما أنه يقوى لبنات المجتمع المدرسى من خلال العمل بروح الفريق والمشاركة الواعية فى الأنشطة الصفية واللاصفية، فضلا عن مراعاة التنوع بين التلاميذ وتشجيعهم على المبادرة والحوار والتعلم التعاونى والتفكر وغيره من الأنشطة الداعمة، التى تشغل التلاميذ فى عمليات تعلم ذى معنى تساعد فى فهم وتعميق المحتوى العلمى ومن ثم بناء التلاميذ لمعارفهم بأنفسهم.
إجراءات الدراسة:
هدف الدراسة الميدانية:
هدفت الدراسة الميدانية إلى التعرف على أهم المسئوليات المهنية للمعلم فى ضوء النظرية البنائية، وما إذا كان هناك فروق ذات دلالة إحصائية فى تبنى المعلمين لمبادئ نظرية التعلم البنائى تعزى لسنوات الخبرة التدريسية، وما إذا كانت هناك فروق ذات دلالة إحصائية فى تبنى المعلمين لمبادئ نظرية التعلم البنائى، من وجهة نظر المعلمين والمدراء/ الموجهين، فضلا عن استقصاء رأى عينة الدراسة حول المعوقات التى تحد من تطبيقات نظرية التعلم البنائى فى المدارس (عينة الدراسة).
مجتمع الدراسة:
          يتكون مجتمع الدراسة من مدراء وموجهى ومعلمى مرحلة التعليم الأساسى (الابتدائى والإعدادى) الحكومى، فى إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
عينة الدراسة:
         تم اختيار عينة عشوائية ممثلة من مديرى وموجهى ومعلمى مرحلة التعليم الأساسى الحكومى، وتم توزيع أربعمائة وخمسين استبانة على المعلمين بنسبة تزيد عن 15% من المجتمع الأصلى، وتم توزيع عدد خمس وعشرين استبانة على المدراء بنسبة تزيد عن 40% من المجتمع الأصلى، وتم توزيع عدد خمسين استبانة على الموجهين بنسبة تزيد عن 40% من المجتمع الأصلى، ووزعت الاستبانات بطرق مختلفة منها المباشر باليد ومنها غير المباشر بالمراسلة، استبعد منها ثلاثة عشر استبانة للمعلمين، وخمسة استبانات للموجهين، بعضها كانت الإجابة عليه غير كاملة ومعظمها لم يسترد، ومن ثم فإن عدد الاستبانات الصحيحة والتى تم معالجتها إحصائيا بلغت أربعمائة وسبع وثلاثون استبانة للمعلمين، وخمس وعشرون استبانة للمدراء، وخمس وأربعون استبانة للموجهين.
أداة الدراسة:
          تم بناء أداة الدراسة بالاستفادة من الأدب النظرى، والكتابات والدراسات التى عالجت موضوع النظرية البنائية وعلاقتها بعمليات التعلم، وتكونت الاستبانة من خمسة محاور الأول: المعلم والتخطيط وفق المدخل البنائى والثانى: المعلم وحجرة الدراسة البنائية والثالث: المعلم والتدريس وفق المدخل البنائى والرابع: المعلم والتقويم وفق المدخل البنائى والخامس: معوقات تطبيق المدخل البنائى فى المدارس. حيث تضمنت المحاور الأربعة الأولى (40) فقرة تعبر عن أداءات فعلية للمعلم فى الميدان.
 
صدق الأداة:
          لحساب صدق الاستبيان قام الباحث بعرضه على مجموعة من الأساتذة المتخصصين فى التربية وعلم النفس، وقد أبدى المحكمون بعض الملاحظات بخصوص صياغة بعض الفقرات من حيث كونها تعبر عن أداءات فعلية للمعلمين، وكذلك مدى مناسبة بعض الفقرات للمحاور، وبعد إجراء جميع التعديلات فى ضوء اقتراحات السادة المحكمين، أخذ الاستبيان صورته النهائية بما يعرف باسم الصدق المنطقى. (أنظر ملحق رقم 1)
ثبات الأداة:
تم حساب ثبات الاستبانة باستخدام برنامج SPSS، حيث تم حساب قيمة Cronbach’s Alpha وكانت 0.83 تقريبا، وهو ثبات مناسب.
المعالجة الإحصائية:
            تضمنت صحيفة الاستبيان خمس محاور، تم معالجة أربع منها إحصائيا باستخدام برنامج SPSS، وتم إدخال البيانات الأولية من كل استبانة على حدة، ثم حددت المحاور وأدخلت الأوزان النسبية للعبارات والمحاور، أما المحور الخامس فقد تم من خلاله رصد رؤية عينة الدراسة لأهم معوقات تطبيق نظرية التعلم البنائى فى هذه المدارس.
عرض ومناقشة نتائج الدراسة الميدانية:
        لقد أجيب عن السؤال الأول من خلال الأدب النظرى، وفيما يلى الإجابة عن السؤال الثانى "ما واقع تبنى المعلم لمبادئ نظرية التعلم البنائى فى بعض المدارس الإماراتية"؟
 

شكل (1) نسب الموافقة على محاور الاستبانة
 
يوضح الرسم البيانى السابق نسبة الموافقة التى تزيد عن الوزن النسبى "3" لعينة الدراسة على كل محور من محاور الاستبانة التى عولجت باستخدام برنامج SPSS. ويتبين من الرسم أن محور المعلم وحجرة الدراسة البنائية جاء فى المرتبة الأولى بنسبة موافقة 88%، ثم جاء محور المعلم والتدريس وفق المدخل البنائى فى المرتبة الثانية بنسبة موافقة 61 %، ثم جاء محور المعلم والتخطيط وفق المدخل البنائى فى المرتبة الثالثة بنسبة موافقة 53 %، أما محور المعلم والتقويم وفق المدخل البنائى فقد حاز على المرتبة الأخيرة بنسبة موافقة 40 %، وهى تشير إلى أن أساليب التقويم مازالت تقليدية فى المدارس التى طبقت عليها الدراسة، وفيما يلى عرض ومناقشة وتفسير كل محور على حدة.
المحور الأول: المعلم والتخطيط وفق المدخل البنائى
جدول (1) يبين نسب الموافقة على محور "المعلم والتخطيط وفق المدخل البنائى"
    Frequency Percent Valid Percent Cumulative Percent
Valid Strongly disagree 27 5.3 5.3 5.3
  Disagree 70 13.8 13.8 19.1
  I don't know 141 27.8 27.8 46.9
  agree 124 24.5 24.5 71.4
  Strongly agree 145 28.6 28.6 100.0
  Total 507 100.0 100.0  
 
شكل رقم ( 2 )
 
يعرض كل من الجدول رقم (1) والشكل رقم (2) نسبة موافقة عينة الدراسة على المحور الأول وهى تصل إلى 53%، وهى موافقة ليست عالية، مما يشير إلى أن تبنى المعلم للتخطيط وفق المدخل البنائى مازال محدودا، وغير منتشر بدرجة كبيرة فى المدارس عينة الدراسة. وفيما يلى عرض وتحليل لنسب الموافقة على فقرات المحور الأول.


شكل رقم (3) يبين نسب الموافقة على "فقرات المحور الأول"
 
          يلاحظ من الرسم البيانى السابق أن الفقرة A4 و الفقرة A1 حازتا على أعلى نسب موافقة 70% وهما على التوالى "يضمٍن خطته مواقف خبرة ذات معنى ترتبط بحياة التلاميذ وتناسب قدراتهم"، و"يخطط لتشخيص المعرفة القبلية للتلاميذ باعتبارها شرطا أساسيا لبناء المعنى "وهما من الممارسات الضرورية للمعلم البنائى الذى يخطط وفق المدخل البنائى، أما الفقرة A5 فقد جاءت فى المرتبة الأخيرة من حيث الموافقة بنسبة 48% وهى "يصمم الخطط الدراسية بحيث تتناول موضوعات المنهج من العام إلى الخاص" وهى تؤكد أن التخطيط لعرض موضوعات المنهج مازال يتم بالطريقة التقليدية من الخاص إلى العام، أما فقرة A3 "يخطط لأشغال التلاميذ فى التعلم وتشكيل بنيتهم المعرفية بأنفسهم" فجاءت فى المرتبة قبل الأخيرة بنسبة موافقة 50%، وهى تشير إلى حاجة الميدان بدرجة أكبر إلى إدراك أهمية التخطيط الذى يساعد التلاميذ على بناء معارفهم بأنفسهم، كما جاءت الفقرة A6 " يضمن خططه مهامًا يتطلب إنجازها قيام التلاميذ بالملاحظة والاستقصاء والاستكشاف وحل المشكلات وتمثيل الأدوار "بنسبة موافقة 51% لتؤكد أن ثقافة التخطيط لبناء المهام التى تتطلب الملاحظة والاستقصاء والاستكشاف وحل المشكلات وتمثيل الأدوار، مازالت تحتاج إلى مزيد من الاهتمام والتدريب لتنتشر بصورة أكبر، ثم جاءت فقرة A7 "يضمن خطته سقالات معرفية يقدمها عند الحاجة لمساعدة التلاميذ على الفهم وبناء المعنى" بنسبة موافقة 52% وهذه العبارة تشير إلى أن التخطيط لتقديم المعرفة عند الحاجة فقط، لم يأخذ بعد طريقه للتطبيق بشكل واسع فى المدارس (عينة الدراسة).
المحور الثانى: المعلم وحجرة الدراسة البنائية
جدول (2) يبين نسب الموافقة على محور "المعلم وحجرة الدراسة البنائية"
    Frequency Percent Valid Percent Cumulative Percent
Valid Strongly disagree 51 10.1 10.1 10.1
  I don't know 9 1.8 1.8 11.8
  agree 195 38.5 38.5 50.3
  Strongly agree 252 49.7 49.7 100.0
  Total 507 100.0 100.0  
شكل رقم (4)
 
 
 
        
  يعرض كل من الجدول رقم (2) والشكل رقم (4) نسبة موافقة عينة الدراسة على المحور الثانى وهى تصل إلى 88%. وهى موافقة عالية، تعكس اهتماما كبيرا بالبيئة الفيزيقية والاجتماعية فى حجرات الدراسة فى هذه المدارس، وفيما يلى توضيح ذلك:
شكل رقم (5) يبين نسب الموافقة على "فقرات المحور الثانى"
 
          يلاحظ من الشكل رقم (5) أن الفقرة A15 "يتيح مناخًا محببًا وجاذبًا ومثيرًا لاهتمام التلاميذ فى حجرة الدراسة" جاءت فى المرتبة الأولى بنسبة موافقة 92%، والفقرة A17 "يوفر فى حجرة الدراسة بيئة عمل تنمي اتجاهات التلاميذ الاجتماعية" حازت على المرتبة الثانية بنسبة موافقة 87%، وهى تشير إلى أن حجرات الدراسة البنائية تنمى بشكل كبير اتجاهات التلاميذ الاجتماعية، وتتعارض هذه النتيجة مع ما توصلت إليه دراسة "Karaduman & Gultekin, 2007" أن تطبيق مبادئ التعلم البنائى أدت إلى نسبة عالية من النجاح الأكاديمى فى حين لم تؤد إلى تنمية الاتجاهات الاجتماعية، كما جاءت الفقرات A12 و A10 و A11  بنسب موافقة تزيد عن 80%، وجميعها تشير إلى الاهتمام الكبير بتوفير بيئة عمل جماعية تساعد التلاميذ وتحفزهم على التعلم الجماعى، أما الفقرة A13 "يحول حجرة الدراسة إلى معمل يمارس فيه التلاميذ عمليات التعلم بالاستكشاف" فجاءت فى المرتبة الأخيرة بنسبة 34%، وهى نسبة متدنية تشير إلى أن أحد أهم تطبيقات المدخل البنائى المرتبطة بتحويل حجرات الدراسة إلى حجرات بنائية مازال بعيدا عن التطبيق الفعلى، كما جاءت الفقرة A16 "ينظم حجرة الدراسة بحيث تساعد التلاميذ على بناء معارفهم بأنفسهم" فى المرتبة قبل الأخيرة بنسبة موافقة 55%، وهي تشير إلى حاجة حجرات الدراسة إلى مزيد من الإجراءات الصفية التى تساعد التلاميذ على بناء معارفهم بأنفسهم.
المحور الثالث: المعلم والتدريس وفق المدخل البنائى
جدول (3) يبين نسب الموافقة على محور "المعلم والتدريس وفق المدخل البنائى"
    Frequency Percent Valid Percent Cumulative Percent
Valid Strongly disagree 105 20.7 20.7 20.7
  I don't know 92 18.1 18.1 38.9
  agree 193 38.1 38.1 76.9
  Strongly agree 117 23.1 23.1 100.0
  Total 507 100.0 100.0  
شكل رقم (6)
 
يتبين من الجدول رقم (3) والشكل رقم (6) أن نسبة موافقة عينة الدراسة على المحور الثالث تصل إلى 61%، وفيما يلي يتم تناول فقرات هذا المحور بالشرح والتحليل:
شكل رقم (7) يبين نسب الموافقة على "فقرات المحور الثالث"

          يتضح من الشكل رقم (7) أن الفقرات A19 و A22 و A30 وA26 و A27 وA25 وA20 حازت على نسب موافقة أعلى من 65%، وجميعها تعبر عن تبنى المعلم لأساليب تدريس ترتبط بالتعلم النشط الذى يثير تفكير التلاميذ ويتيح لهم فرص المشاركة والحوار والعمل التعاوني واستثمار أخطائهم ومناقشتها للفهم وبناء المعنى، أما الفقرة A18 "يُشغل التلاميذ فى مواقف خبرة تناسبهم وتساعدهم على بناء معارفهم بأنفسهم" فحازت على 59%. وهى تشير إلى أن نسبة لا بأس بها من عينة الدراسة ترى أن المعلمين يشغلون تلاميذهم فى مواقف خبرة تناسبهم وتساعدهم على بناء معارفهم بأنفسهم، ويوجد اتفاق إلى حد كبير بين هذه النسبة والنسبة التى حازت عليها الفقرة A3 "يخطط لأشغال التلاميذ فى التعلم وتشكيل بنيتهم المعرفية بأنفسهم" فى محور التخطيط.
           ثم جاءت الفقرة A29 "يقدم سقالات (مساعدة) من المعرفة عند الحاجة لمساعدة التلاميذ على بناء معارفهم" بنسبة موافقة 58% مما يشير إلى أن نسبة لا بأس بها من المعلمين يقدمون المعارف للتلاميذ عند الحاجة إليها، وتتوافق هذه النتيجة إلى حد كبير مع الفقرة A7 " يضمن خطته سقالات معرفية يقدمها عند الحاجة لمساعدة التلاميذ على الفهم وبناء المعنى" فى مجال التخطيط والتى حازت على نسبة 52%. أما الفقرة A31 "يركز على التفكر والفهم وإثراء البنية المعرفية للتلاميذ دون التركيز على الحفظ" فحازت على نسبة موافقة 52% وهي ليست كبيرة، مما يشير إلى أن الممارسات المهنية للمعلمين فى المدارس (عينة الدراسة) مازالت تركز على الحفظ.
          ثم جاءت الفقرة A28 "يقدم الصورة الكلية للنشاط ثم يترك التلاميذ يكتشفون الأجزاء لبناء المعنى" بنسبة موافقة 39% وهى نسبة موافقة قليلة تشير إلى نقص الفرص المتاحة للتلاميذ لكي يكتشفوا بأنفسهم المعرفة المتضمنة فى تفصيلات الأنشطة التى تقدم لهم. وجاءت الفقرة A21 "يتيح للتلاميذ فرص حل المشكلات بأنفسهم ولا يقدم لهم الحلول جاهزة" بنسبة موافقة 33%، وهى نسبة متدنية تشير بواقعية إلى الممارسات التقليدية التى مازالت موجودة بقوة فى المدارس (عينة الدراسة)، وهى تقديم الحلول جاهزة للتلاميذ دون تدريبهم على حل المشكلات بأنفسهم، وتتعارض هذه النتيجة مع ما توصلت إليه دراسة كل من "Hyslop-Margison & Strobel, 2008 " التى أكدت على العلاقة الوثيقة بين المدخل البنائى والتعلم المتمركز حول المشكلات.
ثم جاءت الفقرتان A23 "يتيح للتلاميذ فرص اكتشاف المعرفة بأنفسهم دون تقديم معلومات معدة سلفا " وA24 "يركز على صناعة المعنى بدلا من حفظ المعلومات " فى المرتبة الأخيرة بنسبة موافقة 25% وهى نسبة منخفضة جدا، لتبين أن أهم تطبيقات نظرية التعلم البنائى فى مجال التدريس والمرتبطة بعدم تقديم المعلومات مسبقا، وبالتركيز على صناعة المعنى بدلا من حفظ المعلومات غائبة إلى حد كبير عن المدارس (عينة الدراسة) وتتعارض هذه النتيجة مع ما توصلت إليه دراسة Mercer, 1994"" التى أكدت أن تطبيق المدخل البنائى يتطلب ضرورة تدريب التلاميذ على اكتشاف المعرفة بأنفسهم دون تقديم معلومات جاهزة ومعدة سلفا، فضلا عن ضرورة التركيز على الفهم وبناء المعنى.
المحور الرابع: المعلم والتقويم وفق المدخل البنائى
جدول (4) يبين نسب الموافقة على محور "المعلم والتقويم وفق المدخل البنائى"
    Frequency Percent Valid Percent Cumulative Percent
Valid Strongly disagree 1 .2 .2 .2
  Disagree 183 36.1 36.1 36.3
  I don't know 118 23.3 23.3 59.6
  agree 138 27.2 27.2 86.8
  Strongly agree 67 13.2 13.2 100.0
  Total 507 100.0 100.0  
شكل رقم ( 8 )
 
          يتضح من جدول رقم (4) وشكل رقم (8) أن المحور الرابع جاء فى المرتبة الأخيرة بنسبة موافقة منخفضة 40%، ليشير إلى أن الممارسات المهنية المرتبطة بالتقويم وفق المدخل البنائى مازالت قليلة وفى حاجة إلى الدعم والتعزيز من قبل المعلمين بالمدارس، وفيما يلى عرض وتحليل عبارات هذا المحور:
شكل رقم (9) يبين نسب الموافقة على "فقرات المحور الرابع"

          يتضح من الشكل رقم (9) أن الفقرات A37 "يطبق مداخل متنوعة لتقويم أداء التلاميذ وقدرتهم على نقل أثر التعلم" وA36 "ينظر للتقويم باعتباره فرصة لبناء فهام جديد لدى التلاميذ" وA39 "يساعد التلاميذ على إصدار الأحكام واتخاذ القرارات بتدريبهم على تقويم الأقران" حازت على نسب موافقة مرتفعة تزيد عن 65%، وهى تؤكد تطبيق نسبة كبيرة من المعلمين لمداخل تقويم متعددة بهدف بناء معان جديدة للتلاميذ، ومساعدتهم على إصدار الأحكام واتخاذ القرارات، ثم جاءت الفقرة A38 "يمارس مداخل التقويم بشكل متزامن مع التعلم (قبل وأثناء وبعد) عمليات التعلم" بنسبة موافقة 50% وهى تشير إلى أن تطبيق مداخل التقويم بالتزامن مع عمليات التعلم مازالت غير منتشرة بقوة فى المدارس، حيث تؤكد دراسة Graffam, 2003"" أن التدريس من أجل الفهم ومساعدة التلاميذ على بناء المعنى يتطلب ربط التقويم بالتدريس من خلال مهام ترتبط بحياة التلاميذ.
           كما جاءت الفقرة A34 "يوضح للتلاميذ معايير الأداء قبل تقويمهم وفقا لها" بنسبة موافقة قليلة 39%، وهى تشير إلى ضعف انتشار ثقافة المعايير فى تقويم أداء التلاميذ. أما الفقرة A40 "يطبق مداخل تقويم ختامية تركز على التعلم دون التركيز على الحفظ" فجاءت فى المرتبة قبل الأخيرة بنسبة موافقة منخفضة 28%، ثم جاءت الفقرة A35 "يركز فى التقويم على مدى التعلم أكثر من تركيزه على مدى التحصيل" فى المرتبة الأخيرة بنسبة موافقة منخفضة 27%، وهما تؤكدان أن مداخل التقويم مازالت تركز على الحفظ ومدى التحصيل دون التركيز على مدى التعلم والقدرة على نقل أثره فى مواقف الحياة المختلفة.
          أما السؤال الثالث "هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05) فى تبنى المعلمين لمبادئ نظرية التعلم البنائى من وجهة نظر المعلمين والمدراء/الموجهين؟ فجاءت الإجابة عليه من خلال استخدام اختبار T-Test وفيما يلي توضيح ذلك:
جدول(5) يبين المقارنة بين المعلمين وبين المدراء والموجهين على المحاور الأربعة
  Levene's
 Test for
 Equality of variances
t-test for
 Equality
 of Means
 
F Sig. t df Sig.(2-tailed)
المحور الأول
Equal variances assumed
Equal variances
 not assumed
22.629
 
 
0.000 -2.058
-2.688
505
121.675
0.040
0.008
المحور الثاني
Equal variances assumed
Equal variances
 not assumed
6.318 0.012 -1.057
-1.433
505
128.425
0.291
0.154
المحور الثالث
Equal variances assumed
Equal variances
not assumed
29.963 0.000 3.771
3.173
505
83.231
0.000
0.002
المحور الرابع
Equal variances assumed
Equal variances
not assumed
 
 
0.049
 
 
0.825
 
 
0.965
1.003
 
 
505
95.343
 
 
0.335
0.318
 
          يلاحظ من الجدول (5) السابق أن هناك فروقًا ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05)  بالنسبة لمحور "المعلم والتخطيط وفق المدخل البنائى"، بين استجابات المعلمين من ناحية واستجابات المدراء والموجهين من ناحية أخرى، وذلك لصالح المدراء والموجهين، و بالنسبة لمحور"المعلم وحجرة الدراسة البنائية"، فتشير النتائج إلى عدم وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05)  بين المعلمين من ناحية والمدراء والموجهين من ناحية أخرى، أما محور "المعلم والتدريس وفق المدخل البنائى" فيلاحظ من النتائج أن هناك فروقًا ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05) لصالح المعلمين، أما محور "المعلم والتقويم وفق المدخل البنائى" فتؤكد النتائج أنه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05) بين المعلمين من ناحية والمدراء والموجهين من ناحية أخرى. وتشير هذه النتائج إلى اتفاق استجابات المدراء والموجهين والمعلمين فيما يختص بالممارسات المرتبطة بحجرات الدراسة البنائية، والمرتبطة بالتقويم وفق المدخل البنائى، أما استجاباتهم المرتبطة بالتخطيط وفق المدخل البنائى فكانت لصالح المدراء والموجهين، والمرتبطة بالتدريس وفق المدخل البنائى فكانت لصالح المعلمين، وهي نتيجة منطقية لأن المعلمين أكثر دراية من المدراء والموجهين بممارساتهم المهنية المرتبطة بالتدريس، ويرتبط ذلك بنتائج دراسة "Marshall, 2005" التى أشارت إلى أن مجمل الزيارات الصفية للمدراء والموجهين فى العام الدراسى يصل إلى 0.3%، فى حين يبقى المعلم ما يقرب من 99.7% من الوقت داخل حجرات الدراسة بدون ملاحظة، الأمر الذى يجعل المدراء والموجهين أقل إحاطة بالممارسات التدريسية للمعلمين فى حجرات الدراسة، وبالرجوع إلى متوسطات استجابات العينة نجد أن المحاور التى وجد فيها فروق بين المعلمين والمدراء والموجهين هى فى النهاية فروق ليست مرتفعة.
          وللإجابة عن السؤال الرابع"هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية عند (P ≤ 0.05) فى تبنى المعلم لمبادئ نظرية التعلم البنائى تعزى إلى سنوات الخبرة التدريسية؟"، فقد تم تقسيم سنوات الخبرة للمعلمين إلى أربعة فئات، الأولى من (1 إلى5) سنة وكان عددهم 105، والثانية من (6-10) سنة وكان عددهم 87، والثالثة من (11 إلى15) سنة وكان عددهم 117، والرابعة (أكثر من 15) سنة وكان عددهم 128، وتم استخدام One-Way ANOVA واختيار شيفيه Scheffe وذلك للمقارنة بين المعلمين ذوى الخبرات المختلفة والمحددة وفقا للفئات السابقة (أنظر ملحق رقم 2)، وفيما يلى عرض وتفسير النتائج:
          بالنسبة للمحور الأول "المعلم والتخطيط وفق المدخل البنائى" تشير النتائج إلى أن هناك فروقًا ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05) بين المعلمين ذوى الخبرة من (1-5) سنة، وبين المعلمين ذوى الخبرة من (11-15) سنة، لصالح المعلمين ذوى الخبرة من (1-5) سنة. كما أشارت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى ( P ≤ 0.05 )  بين المعلمين ذوي الخبرة من (6-10) سنة، وبين كل من المعلمين ذوى الخبرة من (11-15) والمعلمين الذين تزيد خبرتهم عن 15 سنة، وذلك لصالح المعلمين ذوى الخبرة من (6-10) سنة.
          بالنسبة للمحور الثانى "المعلم وحجرة الدراسة البنائية" تشير النتائج إلى أن هناك فروقًا ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05) بين المعلمين ذوى الخبرة من (1-5) سنة، وبين كل من المعلمين ذوي الخبرة من (11-15) سنة، والمعلمين الذين تزيد خبرتهم عن 15 سنة، لصالح المعلمين ذوى الخبرة من (1-5) سنة. كما أشارت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى 0.05 بين المعلمين ذوى الخبرة من (6-10) سنة وبين كل من المعلمين ذوي الخبرة من (11-15) والمعلمين الذين تزيد خبرتهم عن 15 سنة، وذلك لصالح المعلمين ذوى الخبرة من (6-10) سنة.
          بالنسبة للمحور الثالث "المعلم والتدريس وفق المدخل البنائى" تشير النتائج إلى أن هناك فروقًا ذات دلالة إحصائية عند مستوى 0.05 بين المعلمين ذوى الخبرة من (1-5) سنة، وبين كل من المعلمين ذوي الخبرة من (11-15) سنة، والمعلمين الذين تزيد خبرتهم عن 15 سنة، لصالح المعلمين ذوى الخبرة من (1-5) سنة. كما أشارت النتائج إلى وجود فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05) بين المعلمين ذوى الخبرة من (6-10) سنة وبين كل من المعلمين ذوي الخبرة من (11-15) والمعلمين الذين تزيد خبرتهم عن 15 سنة، وذلك لصالح المعلمين ذوى الخبرة من(6-10) سنة.
بالنسبة للمحور الرابع "المعلم والتقويم وفق المدخل البنائى" تشير النتائج إلى أن هناك فروقًا ذات دلالة إحصائية عند مستوى (P ≤ 0.05) بين المعلمين ذوى الخبرة من (6-10) سنة، وبين كل من المعلمين ذوى الخبرة من (1-5) سنة، والمعلمين ذوى الخبرة من (11-15) سنة، والمعلمين الذين تزيد خبرتهم عن 15 سنة، لصالح المعلمين ذوى الخبرة من (6-10) سنة.
          وجميع النتائج السابقة تشير بوضوح إلى أن المعلمين ذوى الخبرة الأقل هم أكثر تجاوبا وتطبيقا لأنشطة المدخل البنائى فى جميع المحاور، ويمكن تفسير هذه النتيجة بأن المعلمين ذوى الخبرات الطويلة فى المدارس هم أكثر تمسكا بالطرق التقليدية التى تعودوا عليها منذ زمن طويل.
          وجاء المحور الخامس ليبين معوقات تطبيق نظرية التعلم البنائى فى المدارس (عينة الدراسة)، وفيما يلى أهم المعوقات التى عبرت عنها عينة الدراسة:
* المناهج طويلة ومحشوة بالمعلومات والحقائق وغير مناسبة لتطبيق أنشطة التعلم البنائى.
* تدنى المستوى المعرفى للتلاميذ، فى حين يتطلب المدخل البنائى معرفة سابقة يبنى التلاميذ عليها معارفهم الجديدة.
* زيادة كثافة الفصول لا يسمح للتلاميذ بالانخراط فى أنشطة التعلم البنائى.
* قد تبدو التطبيقات البنائية خادعة ومحيرة، ولا يفهم التلاميذ أهميتها أو جدواها.
* عدم قناعة بعض المدراء بالمدخل البنائى، حيث يرون أنه يسهم فى هدر الوقت.
* اختلاف الأولويات بين المدارس التى ترى التحصيل أولا، وبين تطبيقات التعلم البنائى التى ترى التعلم أولا، فقد يتم التحصيل ولكن لا يحدث التعلم.
* ضيق الوقت مصحوبا بطول المناهج لا يسمح بتنفيذ كثير من أنشطة التعلم البنائى.
* مقاومة بعض المعلمين للتجديد ورغبتهم فى الإبقاء على ممارساتهم التقليدية
* ميل بعض المعلمين إلى إدارة السلوك أكثر من اهتمامهم بتعلم التلاميذ.
* عدم وعى بعض المعلمين بالنظريات الجديدة وما يرتبط بها من تطبيقات.
* خوف بعض المعلمين من تحلل التلاميذ من التزاماتهم وتآكل قدرتهم على ضبط الصف.
* نقص دافعية بعض المعلمين لما يتطلبه المدخل البنائى من وقت أطول وجهد أكبر.
* تكليف المعلمين بأعباء كثيرة تستغرق معظم وقتهم ولا تساعدهم على تجديد ممارساتهم.
* نقص فعالية برامج التدريب التى تقدم للمعلمين فى الميدان التربوى.
* بعض المبانى المدرسية وحجرات الدراسة غير مجهزة لتنفيذ تطبيقات التعلم البنائى.
 
توصيات الدراسة:
          فى ضوء الأدب النظرى والنتائج التى توصلت إليها الدراسة الحالية، يقدم الباحث مجموعة من التوصيات فيما يلى أهمها:
* بناء مناهج متكاملة حول مفاهيم وحقائق ومعلومات مرتبطة ببيئة التلاميذ ومناسبة لمستواهم ولطول العام الدراسى.
* تنظيم برامج تدريبية للمعلمين فى أوقات تناسبهم حول نظرية التعلم البنائى وتطبيقاتها التربوية فى المدارس.
* تحديد كثافة حجرات الدراسة وفقا للشروط المعروفة، لتصبح مناسبة لممارسة أنشطة التعلم البنائى.
* أن تعمل المدارس فى بداية كل فصل دراسى على تشخيص معارف التلاميذ كأساس لبناء معارف جديدة مع توفير المعلمين لسقالات معرفية تقدم للتلاميذ عند الحاجة.
* أن تتبنى المناطق التعليمية بالاشتراك مع المدارس مهمة تغيير الإطار الفكرى للمعلمين ونقلهم من الاعتماد على المدخل التقليدى إلى تجريب مداخل جديدة تشغل التلاميذ فى التعلم وبناء المعنى.
* نشر ثقافة التفكر فى الأداء بين التلاميذ والمعلمين كأحد أهم تطبيقات التعلم البنائى.
* تجهيز المدارس وحجرات الدراسة بالأثاث والأدوات اللازمة لأنشطة التعلم البنائى.
* عدم تكليف المعلمين بأعباء زائدة وتشجيعهم على تبنى تطبيقات نظرية التعلم البنائي.
* نشر ثقافة المعايير وتوضيح علاقتها بالتقويم الأصيل وبالتعلم البنائى فى المدارس.
* أن تتبنى إدارات المدارس مهمة تحويل حجرات الدراسة إلى معامل يمارس فيها التلاميذ العصف الذهنى والاكتشاف والاستقصاء وحل المشكلات.
* نشر ثقافة تبادل الزيارات الصفية وتشجيع الحوار التفكرى بين المعلمين لتعزيز أنشطة التعلم البنائى وتقديم تغذية راجعة من خلال ملاحظاتهم.
* عقد ورش عمل للمعلمين ذوى الخبرة الطويلة لتغيير قناعاتهم وإدراك أهمية الممارسات المهنية المرتبطة بنظرية التعلم البنائى.